نبذة تاريخية حول المسبحة
إن صلاة المسبحة، قديمة العهد، على ما ورد في كتابات المؤرخين القدامى. إذ ان المسيحيين في القرون الأولى، كانوا يستعملون الحبل المعقود عقداً معدودة. في عدّ أعمالهم التقوية؛ فينقلون إبهامهم، على العقدة تلو الأخرى.
ولما تأسست الأديرة والرهبنات، من القرن الرابع وصاعداً، كان الرهبان يصلّون الفرض مشتركين؛ وكان يقتصر على تلاوة الصلاة الربيّة “الأبانا”، و”السلام الملائكي”، وترتيل المزامير الداودية، البالغ عددها مئة وخمسين مزموراً. وكان الرهبان الاميّين الموكلين للعمل في الأرض، معفيّين من ترتيل المزامير. إذ كانوا يستعيضون عنها، بتلاوة الصلاة الربيّة، ثم مئة وخمسين مرة السلام الملائكي.
ولما زحفت الجيوش الصليبية إلى الشرق في مطلع القرن الحادي عشر، كان لا بد من ايجاد صلاة سهلة وبسيطة، بمتناول أولئك الجنود الاميين. فأوصى إليهم قائدهم ومرشدهم بطرس الناسك، باستعمال الحبل المعقود بمئة وخمسين سلاماً للعذراء على عدد المزامير. ثم اصبحت فيما بعد هذه الصلاة، مستعمَلة لدى الكثير من المؤمنين.
إذاً يمكن القول، ان صلاة المسبحة، هي من وضع بشريّ، إلى ان تدخلت العذراء مريم، بظهورها الشهير، على القديس عبد الأحد، فشدّدت على هذه الصلاة، واختارتها كصلاة إلهيّة مرضيّة لدى الله، ومحبّبة اليها. ويظهر لنا ذلك جلياً، من خلال ظهوراتها ورسائلها إلى العالم (مثل ظهور لورد وفاطمة)، وفيها تلحّ على هذه الصلاة، مبيَّنة اهميتها في ردّ الخطأة إلى التوبة. ولجم الفساد الذي عمّ المعمورة، وقمع الحروب، ومنع امتداد البدع والهرطقات.
وبعد ظهور العذراء على عبد الأحد، عمل هذا القدّيس على تنسيق هذه الصلاة، فدُعيت بصلاة الوردية، أو “المسبحة الورديّة”، ونشرها بين المؤمنين.
وهكذا نستطيع تقسيم تاريخ المسبحة إلى قسمين: قسم أول، ما قبل عبد الأحد، لمّا كانت المسبحة صلاة عاديّة، وفرضاً تقوياً عند المؤمنين بأسلوب بسيط. وقسم ثاني، مع عبد الأحد، بعد ظهور السيدة العذراء عليه، لمّا تنسّقت هذه الصلاة وتنظّمت، حتى أصبحت مقدّسة بطلب إلهي بواسطة العذراء، فكانت “المسبحة الوردية”.