جدوى الصلاة الى مريم
كانت امرأة تميّزت سابقاً بتقواها الحارة، قد سمّمت نفسها بمشاعر الحقد على اخيها، بحيث اقسمت الا تغفر له، لا في هذه الدنيا ولا في الاخرة. ومن جراء ذلك، هجرت الاسرار ، وتخلّت حتى عن الصلاة. مُنيت بمرض عضال كان يهدّ صحتها بلا رحمة. وقد بذل كاهن الرعية كل كنوز غيرته وإقناعه لعله ينتزع منها كلمة صفح، لكن بلا طائل. حينئذ اوكل الى مرسل ان يتولى المهمة عنه، وقد روى هذا المرسل:
“لقد ادلت تلك المرأة المسكينة بأقوال مخيفة، وصرّحت: “اريد ان تُحفر على قبري هذه الكلمات: “هنا ترقد امرأة انتقمت”. فاعترضت:
– الا تخشين عقاب جهنم؟
– جهنم؟ ان مجرد التفكير بانني استطعت الانتقام يعزيني عن جميع العذابات.
بعد ان فشلت جميع حججي في اقناعها، نصحت تلك البائسة بالصلاة كي تنال نعمة القدرة على المسامحة. فاجابت:
– اعلم انني قد اظفر بتلك النعمة، ولكنني لا اريد الظفر بها.
فقلت:
– هل توافقين، اقله على ان اصلي انا نيابة عنك؟
– صلِّ بقدر ما تشاء.
فجثوت، وانتزعت من كتاب صلواتي صورة للعذراء، سيدة المعونة الدائمة واودعتها بين يدي المرأة، وشرعت اتلو ” السلام عليك يا مريم، يا ممتلئة نعمة ….” وما ان بدأت تلاوة ثانية لهذه الصلاة حتى اوقفتني المرأة قائلة:
– كفى ابتِ، اني اصفح، ارجوك ان تسمع اعترافي!
انه ليتعذر وصف الاشراق الذي اضاء وجهها حينئذ.
لكنني اود الاقرار، لمجد السيدة العذراء، انني في ذلك اليوم شهدت، بأم عيني، كيف ان الصلاة، ولا سيما تلك المقدمة بواسطة العذراء القديسة، هي سهم تخترق السماوات”.