مريم البتول تنجي المتعبدين لها من جهنم

كان في إحدى مدن إقليم ندرا شابان حديثان في السن يدرسان العلوم ولكن عوضا عن أنهما يهتمان وقتئذ في إكتساب العلوم قد كان يأخذا ذاتيهما لكل نوع من رزيلتي الشراهة والدنس فإذ وجد ليلة ما في تلك الليالي منهما بالقبائح في بيت امرأة خاطئة لإفتعال الإثم فأحدهما الذي كان اسمه ريكاردوس بعد ساعات من الليل قد رجع إلى مكان سكنه اما رفيقه بقي عند تلك الإمرأة الدنسة.

فعندما دخل ريكاردوس إلى مخدعه لينام قد فكر بأنه بذاك اليوم لم يكن صلى تلك المرات السلام الملائكي حسب عادته التي بها يوميا كان يتلوها تكريماً منه لمريم العذراء بالرغم من أن النوم كان حينئذ متغلباَ عليه كان يستصعب تلاوتها في ذاك الوقت ولكن لم يرد أن يتركها مطلقاَ بل اغتصب ذاته وقالها وهو نصف نائم ثم اتكأ على سريره راقداَ فبعد برهة وفيما هو يغط في النوم سمع باب بيته يطرق بشدة وحالاَ عند فتح الباب قد شاهد رفيقه الشاب داخلاَ إليه بصورة مخيفة من شدة البشاعة وإذ سأله من أنت قد أجابه ذاك قائلا أما عدت تعرفني؟ فقال له ريكاردوس وكيف أنك استحلت إلى هذه البشاعة حتى يبان كأنك شيطان فحينئذ ذاك التعيس تنفس الصعداء صارخا: اواه الويل لي فأنا قد هلكت في جهنم فسأله ريكاردوس وكيف تم ذلك.فأجابه الشخص بقوله: اعلم أنه حينما خرجت أنا بعدك من بيت تلك المرأة الدنسة قد وثب علي الشيطان فخنقني وبقي جسدي طريحاَ في الطريق ونفسي حكم عليها بالهلاك. اعلم أيضا أن هذا العقاب الذي حل بي كان معدا لك أنت أيضا إلا أن الطوباوية مريم البتول لأجل الكرامة القليلة التي أنت صنعتها لها بتلاوتك السلام الملائكي المرات المعتاد على تلاوتها قد أنقذتك من هذا العقاب فسعيد أنت إن كنت تستفيد من هذا التنبيه الذي أرسلتني والدة الإله لأن أنبهك به.قال هذا ثم كشف رداءه وأظهر لريكاردوس اللهيب المحيط به والأفاعي والعقارب التي كانت تلسعه وهكذا غاب من أمامه فوقتئذ ريكاردوس انطرح على الأرض مردفا من عينيه تيارات من الدموع مقدما الشكر الواجب لوالدة الإله التي خلصته من الهلاك. وفيما كان يفتكر عازما على الطريقة التي بها يغير سيرته ويصلحها قد سمع ناقوس دير رهبان الفرنسيسكان يقرع لأجل صلاة الفجر فقال حينئذ لذاته ان الله يدعوني إلى هذا الدير لكي أصنع توبة عن خطاياي.
فنهض في تلك الساعة عينها ومضى إلى الدير متوسلا أولئك الأباء بأن يقبلوه عندهم إلا أنهم لمعرفتهم به وبفساد سيرته قد كانوا يمانعون قبوله غير أن قد أخبرهم بالحادث جميعه بدموع سخية ومن حيث أن اثنين منهم خرجا حالا وذهبا إلى الطريق وشاهدا جثة ذاك الشاب التعيس ملقاة على الأرض مخنوقة مسودة نظير الفحم.
فبعد أن رجعا وأخبرا بالحقيقة قد قبل ريكاردوس في الدير وابتدأ بعيشة فاضلة وفيما بعد ذهب إلى بلاد الهند ليكرز بالإيمان ومنها إلى بلاد الكامرون وهناك حصل أخيراَ على الحظ السعيد والنعمة العظيمة بأن يموت شهيدا من أجل الإيمان بالمسيح محروقا حياً كما هو مدون في تأليف ألفونس اندراوا.
قد يعجبك ايضاً
اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.